تُعد دلتا النيل من أكثر المناطق حيوية في مصر، ليس فقط لما تتمتع به من خصوبة التربة وتنوع الإنتاج الزراعي، بل أيضًا لما تمثّله من أهمية استراتيجية في الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني. إلا أن هذه المنطقة أصبحت في السنوات الأخيرة معرضة لمخاطر متزايدة بسبب التغير المناخي.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن ارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة لذوبان الجليد القطبي قد يؤدي إلى غمر أجزاء كبيرة من الدلتا، خاصة في المناطق المنخفضة مثل شمال البحيرة وكفر الشيخ ودمياط. هذا الغمر سيؤدي إلى تدهور جودة التربة بسبب تسرّب المياه المالحة، مما يهدد النشاط الزراعي الذي يعتمد على مياه نهر النيل العذبة.
من جهة أخرى، تغيّرت أنماط الأمطار والرياح، وأصبحت أكثر تقلبًا، ما أثر على مواعيد الزراعة والإنتاجية. كما أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى زيادة معدلات التبخر من التربة والمياه، مما يقلل من كفاءة الري ويزيد من الضغط على الموارد المائية المحدودة أصلًا.
لمواجهة هذه التحديات، يقترح الخبراء عددًا من الحلول، مثل: تعزيز نظم الإنذار المبكر، تطوير سبل الري الحديثة، زراعة محاصيل أكثر تحمّلًا للملوحة والجفاف، ووضع سياسات متكاملة لحماية السواحل من التآكل. كما أن دمج تقنيات الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية (GIS) يُعد خطوة مهمة في تتبع التغيرات المناخية ورصد تأثيراتها بدقة.
إن مستقبل دلتا النيل مرهون بقدرتنا على التكيف مع هذه المتغيرات، واتخاذ قرارات بيئية مستنيرة تحمي ما تبقى من هذا الكنز الزراعي.